كيف اختار تخصصي الجامعي المناسب ؟

منذ سنة
الكاتب : Rayan Thani
ما المقصود بالتخصص الجامعي؟ نعني بالتخصص الجامعي حقل الدراسة الذي تختاره في الجامعة، والذي يتضمّن بالإضافة إلى متطلبات جامعية عامّة مجموعة من المواد المتخصصة في مجال معيّن كالكيمياء، الأدب المقارن، العلوم السياسية أو غيرها، بل يسعُك في بعض الأحيان أن تصمّم تخصصك بنفسك. ما مدى أهمية التخصص الجامعي؟ ربما تعتقد أنّ التخصص الجامعي هو المفتاح الرئيسي لمستقبلك الوظيفي، إلاّ أنّ العديد من الدراسات واستطلاعات الرأي الحديثة تشير إلى غير ذلك، قد تمنحك المعلومات التالية فكرة عن مدى أهمية التخصص الجامعي حقًا: بحسب تقرير صادر عن منظّمة GenFKD، حول آراء الشباب فيما يتعلّق بشهادتهم الأكاديمية تبيّن الآتي: واحد من بين كلّ خمسة خرّيجين لايزال عاطلاً عن العمل وقت إجراء الدراسة. 45% فقط من فرص العمل المتوفرة تتطلّب وجود شهادة جامعية. 40% من الشباب الخاضعين للدراسة صرّحوا بأن تخصصاتهم لم تكن ذات علاقة بوظائفهم الحالية. بحسب استطلاع صادر عن وزارة العمل الأمريكية، ما نسبته 25% من الأشخاص يغيّرون مجالات عملهم كلّ ثلاث سنوات حيث تكون مجالات العمل هذه في الغالب بعيدة كلّ البعد عن تخصصاتهم الجامعية. بعد الاطّلاع على هذه الأرقام، قد تتساءل: لماذا عليّ إذن اختيار تخصصي الجامعي بشكل صحيح؟ الجواب بسيط، سيسهم اختيارك لتخصص مناسب بناءً على العوامل التي سنتطرّق للحديث عنها لاحقًا في العثور على وظيفة مناسبة قد تكون في الأغلب في نفس مجال دراستك، وحتى لو لم تكن كذلك، فالاختيار الصحيح سيمكّنك من اكتساب المهارات اللازمة التي تساعدك على إيجاد الوظيفة المناسبة والنجاح في مسيرتك المهنية بغضّ النظر عن طبيعتها. كيف أختار تخصصي الجامعي المناسب؟ قبل اتخاذ القرار بدراسة تخصص معيّن، احرص على الأخذ بعين الاعتبار العوامل التالية التي تؤثر في اختيارك: 1- الاهتمامات، القيم والشغف لا شكّ أنّك قد سمعت الجملة القائلة: "إن أحببت شيئًا ما فسوف تبدع فيه حتمًا". وهذا هو ما نقصده بالشغف، فإن كنت تحبّ أمرًا ما، لماذا لا تتعلّم المزيد عنه لتجني من ورائه دخلاً مناسبًا تعيش به؟ ليس هذا وحسب فحتى الأشخاص الذين لم يكتشفوا شغفهم بعد، يستطيعون على الأقل الاستفادة من اهتماماتهم للتعرّف على التخصصات الأنسب لهم، حيث قد تتطوّر هذه الاهتمامات لتتحوّل إلى شغف فيما بعد. كذلك تلعب قيم الشخص ومعتقداته دورًا مهمًّا في اختيار مساره الدراسي، فمثلاً إن كان أحدهم مؤمنًا بضرورة الحفاظ على البيئة والثروة الحيوانية، سنجد أنّ توجهاته في اختيار تخصصه ستكون أقرب لما يؤمن به، كالهندسة الزراعية أو الطاقة البديلة والمتجددة، وأبعد ما يكون عن تخصصات تخالف قيمه كـ الهندسة الكيميائية أو الهندسة النووية المضرّة بالبيئة. اقرأ أيضًا: الشغف...ماهو؟ وكيف أتعرف على شغفي 2- القدرات يُقصد بالقدرات كلّ ما تستطيع فعله والقيام به. وتنقسم القدرات التي تؤثر في عملية اختيار التخصص إلى قسمين أساسيين: القدرات الشخصية: أيّ المهارات التي تمتلكها في مجال معيّن، فمعرفة الجوانب الدراسية التي تبرع فيها سيساعدك بلا شكّ على اتخاذ القرار السليم عند اختيار التخصص الجامعي. ولا يعني هذا الأمر بالضرورة أن تستبعد جميع التخصصات التي تتطلّب مهارات تفتقر إليها، فهناك احتمالية لأن تكتسب هذه المهارات أثناء فترة دراستك. الفكرة هنا هي أن تبتعد عن التخصصات التي تعلم يقينًا أنّك تعاني من ضعف فيها، فلو كنت تواجه صعوبة في مواد الرياضيات طوال مسيرتك الدراسية ما قبل الجامعة، فإنّ اختيار تخصص مثل الرياضيات (أو أيّ تخصص آخر يتطلّب مهارات متقدّمة في الرياضيات) سيكون خيارًا سيئًا بلا شكّ. القدرات الماديّة: في ظلّ الظروف الراهنة وارتفاع تكاليف الدراسة في الجامعات المحلية والدولية أصبحت القدرة الماديّة عاملاً حاسمًا في اختيار التخصص الجامعي والتي تطغى في كثير من الأحيان على كلّ العوامل السابقة. قبل أن تختار تخصصك، حاول التعرّف على تكاليف دراسته في بلادك أو في الخارج، وابحث عن إمكانية توفّر منح دراسية أو منح مالية تخفّف عنك تكاليفه وتساعدك على دراسته. قدّم على المنح الدراسية المجانية والممولة المتاحة على موقع فرصة 3- فرص العمل المستقبلية لابدّ دومًا من التفكير في فرص العمل المتاحة عند اختيار تخصص معيّن. في النهاية يسعى الجميع للحصول على درجة جامعية تساعدهم على دخول سوق العمل والحصول على وظيفة مرموقة. إن كنت على سبيل المثال قد اتخذت القرار بالعمل في السلك الدبلوماسي، فلا شكّ أنّك ستختار تخصصًا قريبا من هذا المجال مثل العلوم السياسية أو تخصص العلاقات الدولية. ولن تفكّر حينها في تخصصات مثل العلوم الطبية أو التصميم الجرافيكي لأنها بعيدة كلّ البعد عن مجال العمل الذي تطمح إليه. احرص دومًا على طرح الأسئلة التالية المتعلّقة بفرص العمل قبل اختيار تخصصك الجامعي: هل هناك سوق عمل لهذا التخصص؟ بمعنى آخر، هل سيكون من السهل عليك العثور على وظيفة بعد تخرّجك من الجامعة في هذا المجال أو مجالات قريب منه؟ وحتى تتجنّب خيبات الأمل الناجمة عن عدم توفر فرص العمل المناسبة، حاول دومًا اختيار تخصصات عامة تتيح لك العمل في عدّة مجالات. وتجعل التخصصات المحددة جدًا خطوة مستقبلية في حال قرّرت الحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه في هذا المجال. هل لهذا التخصص مستقبل؟ إننا نعيش في عصر التقنية والتطور التكنولوجي والابتكار حيث حلّ الذكاء الاصطناعي والأتمتة محلّ الكثير من الوظائف الحالية. تعرّف أكثر على تخصصات المستقبل وحاول قدر الإمكان أن يكون تخصصك من ضمنها، وحتى لو لم تتوافر في جامعات بلدك، يمكنك على الأقل اختيار تخصص يكون قاعدة لأحد هذه التخصصات. حيث ستضمن بهذه الطريقة حصولك مستقبلاً على وظيفة مرموقة لن تسلبك إياها الروبوتات! تصفح على دليل تخصصات المستقبل من موقع فرصة هل تعتبر تخصصات مربحة؟ لنكن صريحين، حتى لو كنت تعتبر أن المال هو عنصر ثانوي إلاّ أنه يلعب دورًا مهمًّا في اختيار تخصصك. وإلاّ فلماذا تريد الحصول على وظيفة جيدة بعد التخرّج؟ أليس ذلك بسبب رغبتك في العيش الكريم وكسب المال؟ فكّر قبل أن تختار تخصصك فيما إذا كان سيتيح لك الحصول على وظيفة براتب جيّد يتوافق مع أهدافك وطموحاتك سواءً كانت هذه الوظيفة في بلدك أو في الخارج. نصائح أخيرة بعد التعرّف على العوامل الثلاثة الأهمّ التي تؤثر في عملية اختيار التخصص، إليك بعض النصائح الأخيرة التي يمكنك اتباعها خلال المرحلة الثانوية أو بعدها والتي ستساعدك على العثور على التخصص الأنسب لك: أثناء المرحلة الثانوية: تعرّف على التخصصات المتاحة مبكرًا، حيث يمكنك تخصيص جزء من وقت فراغك خلال المرحلة الثانوية لإلقاء نظرة على مختلف التخصصات المتوفرة في العالم وتحديد ما يثير اهتمامك من بينها. كما يمكنك أيضًا الاطّلاع على دليل التخصصات المتاح على موقع فرصة. حدّد ما إذا كنت تملك هدف طويل الأجل، فإن كنت تعرف تمامًا ما الوظيفة التي ترغب في القيام بها بعد التخرّج، ابدأ على الفور بتحديد التخصصات الجامعية التي تقودك للعمل في تلك الوظيفة واختر منها الأنسب لك. اختر جامعتك بعناية، فحتى لو لم تكن تعرف بعد التخصص الجامعي المناسب لك، احرص على التقديم لجامعات تتميّز بالمرونة فيما يتعلّق بإجراءات تحويل التخصصات. حتى إذا رغبت في تغيير تخصصك، كان ذلك ممكنًا. بعد الانتهاء من المرحلة الثانوية: تعرّف على إجراءات جامعتك في افتتاح تخصصات جديدة والمواعيد النهائية للتقديم إلى هذه التخصصات أو التحويل إليها. استكشف مختلف أقسام الجامعة التي ترغب في الالتحاق بها والتخصصات المتاحة فيها. استشر أحد المرشدين الأكاديميين حول التخصص الأنسب لك أو تحدّث مع الطلاب الحاليين في الجامعة في مختلف التخصصات لتأخذ فكرة عنها. ضع ضمن خياراتك التخصصات المزدوجة التي تتيح لك دراسة أكثر مجال في الوقت ذاته وتعرّف على الجامعات التي تقدّم مثل هذه البرامج. لا تتردّد في إجراء اختبار القدرات الشخصية Aptitude Tests الذي يساعدك على تحديد ميولك واهتماماتك والتخصصات الأنسب لك بناءً على قدراتك وشخصيتك ومهاراتك. من خلال التفكير بعمق في العوامل السابقة والأخذ بالنصائح التي ذكرناها، ستجد أنّ عملية اختيار التخصص المناسب ليست بهذا التعقيد ويمكنك في نهاية المطاف العثور على ما تبحث عنه تمامًا. كما يجب عليك أن تتذكّر دومًا أنّك قادر وفي أيّ وقت على التراجع عن قرارك بشأن تخصص معيّن فلا شيء يستحيل تصليحه أو تغييره. ما هي التخصصات التي ترغبون في دراستها أو درستموها بالفعل؟ هل كانت مناسبة حقًا بالنسبة لكم؟ وهل حقّقت لكم آمالكم التي كنتم تسعون إليها